تامر المصرى رئيس مجلس الادارة
السٌّمعَة : 0 تاريخ التسجيل : 01/06/2010 العمر : 43 رايق
| موضوع: تدوين السنة النبوية الشريفة السبت يونيو 05, 2010 3:26 pm | |
| السنة هي المصدر الثاني من مصادر التشريع ، وقد شرع النبي (صلى الله عليه وآله) بتدوينها تزامناً مع جمع القرآن، وكان تدوين السنّة عملاً مشتركاً بين النبي (صلى الله عليه وآله) وعلي بن أبي طالب (عليه السلام)، حيث كان (صلى الله عليه وآله) يملي وعلي (عليه السلام) يكتب، وبوفاة النبي (صلى الله عليه وآله) كانت السنة مجموعة في كتاب أو عدة كتب وقد أودعها النبي (صلى الله عليه وآله) أهل بيته (عليهم السلام) فكانت عند علي بن أبي طالب (عليه السلام).
قالت أم سلمة: « دعا رسول الله (صلى الله عليه وآله) بأديم وعلي بن أبي طالب عنده، فلم يزل رسول الله (صلى الله عليه وآله) يملي وعلي يكتب حتى ملا بطن الاديم وظهره وأكارعه »(1). وعُرف الكتاب الذي يحوي السنة بالجامعة أو صحيفة علي (عليه السلام): قال الإمام جعفر الصادق (عليه السلام) لأحد أصحابه وهو أبو نصير: « يا أبا محمد وإنّ عندنا ( الجامعة ) وما يدريهم ما الجامعة! قال: قلت جعلت فداك، وما الجامعة ؟ قال: صحيفة طولها سبعون ذراعاً بذراع رسول الله (صلى الله عليه وآله) وإملائه من فلق فيه، وخط علي بيمينه، فيها كل حلال وحرام، وكل شيء يحتاج إليه الناس حتّى الارش في الخدش»(2).
وهذا الكتاب الذي عُرِف بالجامعة من أكبر الكتب التي كانت بحوزة آل البيت (عليهم السلام)(3).
ونقل عنها غير واحد من علماء أهل السنة أمثال: 1- ابن سعد في آخر كتابه الجامع. 2- البخاري، ذكرها في ثمانية مواضع من ( الصحيح )، ورواها بثمان طرق. 3- الدكتور رفعت فوزي عبد المطلب، جمع ما نقل عنها في كتاب مستقل عنونه بـ ( صحيفة علي بن أبي طالب عن رسول الله (صلى الله عليه وآله): دراسة توثيقية فقهية »(4).
وبالرغم من ذِكْر الكتب السنيّة لصحيفة علي (عليه السلام) إلاّ أنّها لم تعطها حقّها من البيان، بل قد يكون هذا البيان اليسير لصحيفة علي (عليه السلام) فيه ظلم وتزوير لأسباب سياسية وأُخرى مذهبية، ولنأخذ هذه الرواية التي رواها البخاري ونقف عندها قليلاً: أخرج البخاري عن أبي جحيفة، قال: «قلت لعلي (عليه السلام): هل عندكم كتابٌ؟ قال: لا، إلاّ كتاب الله، أو فَهْمٌ أعطيه رجلٌ، أو ما في هذه الصحيفة. قال: قلت: فما في هذه الصحيفة ؟ قال: العقلُ، وفكاك الاسير، ولا يُقتلُ مسلمٌ بكافر »(5). يفهم من هذه الرواية وروايات أخرى لم نذكرها(6) أنّه كان هناك تساؤلٌ يدور بين الناس حول أهمية وحقيقة امتلاك آل البيت (عليهم السلام) كتاباً خاصاً أم لا، مما دعا أبا جحيفة أن يسأل علياً (عليه السلام): « هل عندكم كتاب ؟ » وأجابه الامام أنّه عندهم صحيفة فضلاً عن كتاب الله.
وقد وصفت الرواية الصحيفة بشكل فيه امتهانٌ وتنقيص لأمير المؤمنين (عليه السلام). فلماذا يحمل علي (عليه السلام) صحيفة فيها هذه المسائل الثلاث ؟ وما الحكمة من ذلك ؟ والواقع أّنه كانت عنده (عليه السلام) صحيفة كبيرة. وفي أحاديث أهل البيت (عليهم السلام) وصف دقيق لهذه الصحيفة: روى أبو الحسن ابن بابويه، بسنده، عن الإمام الباقر (عليه السلام) عن آبائه (عليهم السلام)، قال: « قال رسول الله (صلى الله عليه وآله) لأمير المؤمنين (عليه السلام): أكتب ما أملي عليك. فقال: يا نبي الله، وتخاف علىَّ النسيان ؟ فقال: لستُ أخاف عليك النسيان، وقد دعوت الله لك أن يحفظك ولا يُنسيك، ولكن، أكتب لشُركائك. قال: قلت: ومن شُركائي، يا نبي الله ؟ قال: الأئمة من وُلدك...»(7). وعن عذافر الصيرفي، قال: « كنت مع الحكم بن عتيبة عند أبي جعفر(8)(عليه السلام) فجعل يسأله، وكان أبو جعفر (عليه السلام) له مكرماً، فاختلفا في شيء. فقال أبو جعفر (عليه السلام): يا بني قم فأخرج كتاب علي (عليه السلام)، فأخرج كتاباً مدروجاً عظيماً، ففتحه، وجعل ينظر حتّى أخرج المسألة. فقال أبو جعفر (عليه السلام): هذا خط علي (عليه السلام) وإملاء رسول الله (صلى الله عليه وآله). وأقبل على الحكم، وقال: يا أبا محمّد اذهب أنت وسلمه وأبو المقدام حيث شئتم يميناً وشمالاً فوالله لا تجدون العلم أوثق منه عند قوم كان ينزل عليهم جبريل (عليه السلام) »(9). قالت أم سلمة: « دعا رسول الله (صلى الله عليه وآله) بأديم وعلي بن أبي طالب عنده، فلم يزل رسول الله (صلى الله عليه وآله) يملي وعلي يكتب حتى ملابطن الاديم وظهره وأكارعه »(10). وبتدوين النبي (صلى الله عليه وآله) لسنته يكون قد وضع الضمان الثاني لحفظ دعوته، ولكنّ جمع القرآن وتدوين السنّة لا يكفي لحفظ الدعوة، فترك القرآن والسنة بأيدي الأمة مدعاة للاختلاف والفرقة، فالأمة لا تستطيع بيان القرآن والسنة وتوضيح دلالتهما بياناً قائماً على الجزم واليقين، وحديث « اختلاف أمتي رحمة » الذي قد يحتج علينا البعض فيه حديث كما يقول الالباني لا أصل له، فقد قال فيه: « لا أصل له، ولقد جهد المحدثون في أن يقفوا له على سند فلم يوفّقوا...». ونقل المناوي عن السبكي أنه قال: « وليس بمعروف عند المحدثين، ولم أقف له على سند صحيح ولا ضعيف » وأقرّه الشيخ زكريا الانصاري في تعليقه على تفسير البيضاوي ( ق 92 / 2 ) »(11)، وقال فيه ابن حزم: « باطل مكذوب »(12). فكما أنّ حكم الله كان واحداً في حياة النبي (صلى الله عليه وآله) فكذا يجب أن يكون فبعد مماته، وكما أنّ الناس كانوا يرجعون لشخص النبي لحل مشاكلهم ومسائلهم الدينية فكذا يجب أن يخلف النبي من ينوب عنه ويقوم بمهامه ـ ما عدا الوحي ـ ويرجع الناس إليه ويبقى حكم الله واحداً، ومن أجل تحقيق هذا الهدف اتخذ النبي (صلى الله عليه وآله) خطوة ثالثة. | |
|