تامر المصرى رئيس مجلس الادارة
السٌّمعَة : 0 تاريخ التسجيل : 01/06/2010 العمر : 43 رايق
| موضوع: تأمّـــلاتٌ قرآنيّـــــةٌ *ّ الجمعة يونيو 04, 2010 10:35 am | |
| [size=25]تأمّلةٌ في سورة الأنفال
* سورة الأنفال سورةٌ مدنيةٌ بالاتفاق إلا آيةُ "وإذ يمكرُ بك الذين كفروا ليثبتوك أو يقتلوك أو يخرجوك ..." فهي مكية.
* وهي أول سورة نزلت بالمدينة، كما أن آخر سورة مكيّة هي سورةُ التوبة.
* الأنفالُ جمع نافلةٍ وهي الزيادة! * فمقصود الحرب الأساسي هو النصر والغنائمُ تأتي زيادةً ولذلك سمّيت أنفالاً. * كما أن قيام الليل زيادةٌ على الصلاة المفروضة ولذلك سمّاها الله نافلةً "ومن الليل فتهجّد به نافلةً لك" * كما أنّ ولد الولد زيادةٌ على الولد ولذلك سمّاه الله نافلة "ووهبنا له إسحاق ويعقوب نافلة وكلاً جعلنا صالحين" فإسحاق ابن إبراهيم، ويعقوب ابن إسحاق
لقد انقسم الصحابةُ المقاتلون في بدرٍ -رضوان الله عليهم- إلى ثلاثة أقسام: 1) قسمٌ يدفعون المشركين.
2) وقسمٌ يحمون النبي -صلى الله عليه وسلم- من أن يصاب بأذى.
3) وقسمٌ يجمعون الغنائم.
* فاختلفوا في تقسيمها بعد أن نصرهم الله في بدر، فعندما سألوا النبيَّ عن تقسيمها أجابهم ربهم "قل الأنفال لله والرسول" وهذا جوابٌ عامٌ إنما جاء عتاباً لهم على اختلافهم لأن الخطأ عندما يكون من الشريف الفاضل يكون أكبر.
* ولقد جاءَ الجوابُ في تقسيم الغنائمِ بعدَ أربعين آية من السؤال عتاباً لهم فقال في الجواب: "واعلموا أنّما غنمتم من شئٍ فأنّ لله خُمُسه وللرسول ولذي القربى واليتامى والمساكين وابن السبيل ...."
تأمّلةٌ في قوله تعالى: "واعلموا أنما غنمتم ..." من سورة الأنفال.
• ما الفرقُ بين الغنائمِ والفئ ؟ الغنائمُ هي ما يأخذه المسلمون بإيجافِ خيلٍ وركاب (قتال).
والفئُ هو ما يأخذه المسلمون من غير إيجاف خيلٍ ولا ركاب.
• المال الذي يأخذه الناسُ في غير تجارةٍ أو سعيٍ له ثلاثة مصادر، وقد تولّى الله تقسيمها في كتابه العزيز ولم يكِل لأحدٍ تقسيمها، ولا حتى لنبيه –صلوات الله وسلامه عليه- وهي:
1- الغنائم، وقسمها اللهُ في سورة الأنفال: "واعلموا أنما غنمتم من شئٍ فأنّ لله خُمُسه وللرسول ولذي القربى ...." 2- الميراث، وقسّمه الله في كتابه في عدّة مواضع في سورة النساء.
3- الزكاة، وقسّمها الله في سورة التوبة: "إنما الصدقاتُ للفقراء والمساكين والعاملين عليها والمؤلفة قلوبهم وفي الرقاب والغارمين وفي سبيل الله وابن السبيل فريضة من الله والله عليم حكيم".
والحكمة من تقسيم الله تبارك وتعالى لهذه المصادر أن الله جَبَل الإنسان على حبّ المال حباً جماً، فهو ينافحُ ويقاتلُ ويعادي أحياناً لجمع المال.
يقول الشيخ المغامسي: أسأل الله لي ولكم أن يجعل المال في أيدينا لا في قلوبنا !
آمين
من بلاغة السورة هذا الاستهلال البديع ، فالآية الأولى تحمل من المعاني ماتفيض به السورة كلها امتدادات لهذه المعاني الرئيسة في الآية الأولى ، إي إن بناء المعنى في السورة يرتكز على هذه الآية محورا أساسيا ، ثم يبنى الكلام بناء على امتداد هذه المعاني .وهذا يعني أن معاني القرآن الكريم معاني يأخذ بعضها بعناق بعض ، وتتآخى معانيها رغم اختلاف مضامينها ، لأنك واجد المعنى يشع إشعاعات على الجملة القرآنية وعلى الصورة وعلى المقصد بل على السورة كلها . واستدعاء أحداث غزوة بدر في هذا السياق خاصة مايتعلق منها بموضوع الغنائم يشحن النفس لتلقي هذه الآيات ، حتى إذا امتلأت النفس وعاشت لحظة ذلك الجدل بين الصحابة رضوان الله عليهم وقت اقتسام الغنائم ، يأتي الاستهلال بديعا بـ ( يسألونك ) حتى لكأنك حاضر تلك الحادثة مشاهد لها بسمعك فكان التعبير بالمضارع رغم أن السؤال وقع في الماضي ، إنما يريد القرآن أن يصور تلك الحادثة بحرارتها ماثلة في النفوس كأنها اللحظة . والسؤال هنا إما أن يكون استخبارا وإما أن يكون طلبا ، وبناء الكلام على الاستخبار واضح ، أما الطلب فيحتاج إلى تأويل وذلك بأن نقول أن ( عن ) هنا بمعنى ( من ) أو أن يكون المعنى ( يسألونك الأنفال ) ويؤيد هذا قراءة ابن مسعود رضي الله عنه .
وجهة الكلام على وجه الاستخبار يكون سؤال وجواب ( يسألونك عن الأنفال ) والجواب : ( الأنفال لله والرسول ) ، وأما إن كان على وجه الطلب فتكون جهة المعنى على تصحيح الحكم فهي ( لله والرسول ) .
و من الإشراقات التربوية في هذا الاستهلال أن تقرير هذا الحكم والمعنى أتى على طريقة السؤال والجواب ، ولم يعاتب الله عز وجل عباده رغم أن هذا الخلاف في موضوع الغنائم يبدو أنه يمس جانبا مهما من جوانب التربية في شطرها المدني ، ولذلك كان تقديم هذا الحدث من أحداث المعركة رغم أنه آخر ماحدث في المعركة ، فأنت تجد تسلسل الحدث في سورة الأنفال مختلف عن الواقع ، لأن ذكر القرآن للقصص كما يقول سيد قطب لايتبع منهج التسلسل الزمني ، إنما يرتكز على أحداث بعينها قصد التوجيه والتعقيب .
تبدو تلك الأهمية لهذا المحور من أمور عدة :
- تقديم الحدث المتأخر وقوعا ليكون استهلال السورة .
- تسمية السورة باسم الحدث ( سورة الأنفال ) .
- عودة السياق إلى تفصيل هذا الحدث في منتصف السورة تقريبا .
إن القرآن الكريم في عرضه لهذا الموقف يعقب تعقيبات مهمة ، ينبني عليها معاني تفصيلية في اللحاق من الآيات .
فكان التعقيب : - فاتقوا الله . - أصلحوا ذات بينكم . - أطيعوا الله ورسوله . فتجد أن هذه التوجيهات نظمت في أوجز عبارة تلك الشبكة المتداخلة من العلاقات بين الله وعبده وبين عبده ورسوله صلى الله عليه وسلم وبين العباد بعضهم مع بعض .
وحين تتأمل تجد أن هذه المعاني يفضي بعضها إلى بعض فتقوى الله يستلزم إصلاح ذات البين وطاعة الله ورسوله صلى الله عليه وسلم . وحين تتأمل كذلك مايلي من الآيات تجد أنها تفصيل للتقوى ( إنما المؤمنون ... ) تفصيل للتقوى روحا وعملا . وقل مثل ذلك في طاعة الله ورسوله لأن المعقد الثالث من الآيات التي تلي أحداث معركة بدر إنما هي تفصيل لهذه الطاعة ودعوة للاستجابة صدر بنداءات وأوامر .
وفي الآيات مايضيق به الوقت والعبارة ، والله أعلم .
فائدةٌ من مطلع سورة الأنفال عنوانها: لا تتكبّر عن النصيحة!
إذا كان الخطابُ في سورة الأنفال لأهل بدرٍ والأفاضل من الصحابة رضوان الله عليهم، "وما يدريك ؟ لعل الله عز وجل اطلع على أهل بدر فقال : اعملوا ما شئتم فقد غفرت لكم " البخاري عن عليّ
وأمرهم بتقواهُ في قوله:
"فاتقوا الله وأصلحوا ذات بينكم"!
ومن قبلهم أمر نبيّه بذلك فقال في سورة الأحزاب: "يا أيها النبي اتق الله...."
* فلا ينبغي لأحدٍ أن يستكبر عن النصيحة أبداً، خاصة وإن أُمر بتقوى الله ، لكنّ على الناصح أن يراعي حال المخاطب!
فلا يأتي على إمام مسجدٍ وينصحه أمام المصلين.
ولا يأتي لمعلّم وينصحه بين طلابه
وأسلوب نصح المتعلم يختلف عن أسلوب نصح الجاهل، والعالم عن العامّي، والكبير عن الصغير، ...
نسأل الله الإخلاص في القول والعمل.
| |
|